بسم الله الرحمن الرحيم
من الذاكرة الشعبية للكاتب عبدالعزيز المسلم
هكذا كان حالنا في الإمارات عندما بدأنا التعامل مع الأشياء لأول مرة وهذه حكاية طريفة ،بل وحقيقة لبدايات تعاملنا مع الأشياء هنا في الإمارات .
حكايتنا تدور حول الإكتشاف الأول للمشروب الشعبي جدا في الإمارات وخاصة في شهر رمضان وهو مشروب الــــــــــ( فيمتــــو .
والفيمتو يكاد يكون الشراب الأول على موائد رمضان، وفي يوم من الأيام كان تقديم هذا الشراب مدعاة للفخر .
حدثتنا إحدى الجدات قائلة إنني أتذكر أ ن أحد أبنائي كان عائدا من عمله في المحطة ، محطة الأريف ، وهي قاعدة القوات الجوية الملكية البريطانية إبان الإحتلال ، وكان قد جلب لي
معه (غرشة شربت ) أي زجاجة عصير وكان لون ذلك العصير مثل الدم ..هكذا قالت ، وقد كنت أسمع عن العصير فقط ولم أره في حياتي ، فنحن كما تعلمون لم نكن نتعامل إلا مع الشاي
والقهوة ، ولكنني وجدتها فرصة أن أقـدم هذا المشروب المستورد الجديد لأول زائر كي يذاع بين الناس بأن فلانة تقدم لضيوفها شرابا جديدا لا يملكه سواها .
وبالفعل زارني في عصر ذلك اليوم مجموعة من النسوة الأقارب وتصادف بأن فيهن بعض ممن اشتهرن بالتباهي الزائد عن حده ، فقمت من فوري لأحضر الشراب الجديد .. فسكبت محتويات الزجاجة كلها في دلة القهوة الفارغة دون أن أضيف أي شي آخر مع ( الفيمتو ) وأغلقت الدلة جيدا وأحضرت الفناجين الكبيرة وأخذت أقوم بواجب الضيافة أتجاههن ودورة البنت عليهن بالفناجين الكبيرة المملوءة
بالفيمتو ، ولكني لاحظت بأن عيونهن تكاد تخرج من محاجرها من شدة الإحمرار ،وأصواتهن تكاد تنطمس في الحناجر من شدة الحرقان الذي أصابهن بعد شراب الفيمتو .
وانتهت الزيارة ومرت الأيام وشاع استعمال هذا الشراب في البلاد وخاصة في شهر رمضان والأعياد والأفراح ولكنني اكتشفت وبعد مضي سنين جحوظ أعين زائراتي واختناقهن ، فقد علمت مؤخرا
بأن ذلك ( الشربت ) يوضع قليل منه فقط في وعاء زجاجي أو بلاستيكي كبير مع كثير من الماء وبعض السكر حتى يكون جاهزا للشرب ، أما الطريقة التي أعددتها فقد كانت الطريقة الإنتحارية
البحتة .